Thursday, October 8, 2009

أويا‮ .. ‬في‮ ‬بيت الفنان علي‮ ‬القبرون‮

الفنان علي القبرون مع الزميل عبد الرؤوف

الفنان علي القبرون مع الزميل عبد الرؤوف


غنيت للثورة فى أسبوعها الأول أربعة أعمال
وجدناه‮ ‬يتكئ على عكازه الذي‮ ‬لايفارقه وهو الرفيق الوحيد له في‮ ‬هذه الدنيا‮ ‬يعينه على عثرات الزمن‮ .. ‬وجدناه باسم المحيا كعادته دائماً‮ ‬متألقاً‮ ‬رغم سنوات العمر ومرارة العيش ولمسات التألق والتأنق مازالت تلفه ضاحكاً‮ ‬للزمن رغم الغصة التي‮ ‬بحلقه‮ ‬‮.. ‬استقبلنا في‮ ‬قبو أوحجرة الغفير أو‮ " ‬البدروم‮ " ‬رسمها ماشئت بأسفل أحد عمارات مدينة طرابلس‮ ‬يمكث فنان أفنى‮ ‬45 سنة من عمره في‮ ‬خدمة الفن‮ :- ‬ظروف اجتماعية قاهرة وخارجة عن إرادته أوصلته إلى ماوصل إليه سألناه عن الفن والحب أجاب‮ " ‬وين عدى وين‮ ‬ياعيوني‮ " ‬سألناه عن الرفيق أجاب‮ " ‬الليل قاسي‮ ‬يابعيد الحيرة‮ " ‬سألناه عن الحبيب أجاب‮ " ‬راحلة‮ ‬ياراحلة‮ " ‬سألناه عن العون والمساعد أجاب‮ " ‬مستنيك‮ " ‬سألناه عن الوفاء أجاب‮ " ‬لانسيت ولاخليت من‮ ‬ينساهم‮ " ‬أنهكه المرض ومزقته الوحدة تمنى أن‮ ‬يعود الزمن إلى الخلف ليعيد ترتيب أوراقه من جديد‮ .. ‬قدم العديد من الأعمال فاقت المائة عمل بأرشيف الإذاعة كُرم في‮ ‬أكثر من محفل‮ .. ‬تخلى عنه الكثيرون ووقف معه عدد من رفاق الدرب‮ ‬يعيش وحيداً‮ ‬داخل هذا القبو الخالي‮ ‬تماماً‮ ‬من أبسط الشروط الصحية الهواء والشمس‮ ‬يعاني‮ ‬من روماتيزم حاد جداً‮ ‬جراء الرطوبة داخل هذا القبو،‮ ‬بمجرد أن بدأنا معه الحديث اغرورقت عيناه بالدمع لأنه فنان حساس ويحتاج لكل لمسة وفاء محتاج لمن‮ ‬يسأل عنه قال‮ : ‬أحلم بمنزل به شرفه أتنسم فيها الهواء وأرعى بها الزهور والورود أحلم بسيارة أتنقل بها لأن راتبي‮ ‬كله‮ ‬يذهب للمواصلات‮ .. ‬أحتاج للعلاج فإنى أشكو‮ ‬عديد الأمراض بداية من الضغط والسكر مروراً‮ ‬بالرماتيزيم ونهاية بمشاكل في‮ ‬القلب ولن نطيل عليكم ونترك الفنان علي‮ ‬القبرون‮ ‬يتحدث‮ ...

‬ لا أطلب إلا سكناً‮ ‬لائقاً‮ ‬وعلاجاً‮ .. ‬وتستطيع الرجوع إلى مجلة الإذاعة قديماً‮ ‬وتقرأ عناوينها أبرزها‮ . ‬الفنان علي‮ ‬القبرون أغانيه التي‮ ‬عانقت الثورة منذ قيامها حيث أنني‮ ‬في‮ ‬الأسبوع الأول للثورة تغنيت بها في‮ ‬أربع أعمال وأشرقت شمس الثورة علينا‮ . ‬كلمات‮ ‬بشير أحمد وألحان عبد اللطيف حويل وكذلك فجر جديد مع ثورتنا كلمات محمد فتحي‮ ‬وألحان أبو عجيلة محمد وأغنية سجل‮ ‬ياتاريخ الثورة ألحان الشيخ أحمد شاهين وأغنية أجيال بعد أجيال كلمات أحمد الحريري‮ ‬وألحان وحيد خالد‮ . ‬هذا في‮ ‬الأسبوع الأول للثورة فقط‮ ‬4 أعمال وطنية عمري‮ ‬66 عاماً‮ ‬ولا أستطيع المشي‮ ‬على قدمي‮ ‬إلا بمساعدة نصف راتبي‮ ‬أصرفه على المواصلات وما أجبرني‮ ‬للحديث إلى الغصة والمرارة التي‮ ‬أتذوقها في‮ ‬حياتي‮ ‬اليومية‮ . ‬في‮ ‬الفترة الأخيرة سمع الأستاذ نوري‮ ‬ضوء الحميدي‮ ‬بحالتي‮ ‬فأصدر قراراً‮ ‬بعلاجي‮ ‬في‮ ‬تونس وذلك سيكون بمشيئة الله بعد عيد الفطر مباشرة وكذلك لاأنسى أفضال الأستاذ عبد الله منصور حيث أنه‮ ‬يتذكرني‮ ‬بين الفترة والأخرى‮ ..‬

أويا‮ : ‬حاولنا أن نخرج به من هذه الأجواء مذكرينه بأيامه الفنية والبدايات فعلت ابتسامة خفيفة على محياه متذكراً‮ ‬تلك الأيام قائلاً‮ :‬ علي‮ ‬القبرون‮ ‬ البداية كانت سنة‮ ‬1955 بالتحاقي‮ ‬بمدرسة الفنون والصنائع التي‮ ‬يشرف عليها الأستاذ رمضان الأسود وتعلمت الموسيقى وتعلمت العديد من الأمور إلا أنني‮ ‬وجدت نفسي‮ ‬في‮ ‬الموسيقى في‮ ‬تلك الفترة كان الفنان المرحوم كاظم نديم‮ ‬يقوم بزيارات متتالية إلى المدرسة وكان‮ ‬يعلمنا الموسيقى والأناشيد منها‮ .. ‬رفعنا اللواء‮ .. ‬بالعزم الأكيد وفي‮ ‬سنة‮ ‬58 غنيت عديد الأغاني‮ ‬الخاصة بالأطفال وعديد الأناشيد الوطنية‮ .. ‬إلى أن تخرجت من مدرسة الفنون والصنائع والتحقت بمدرسة الزواية الثانوية بمدينة الزاوية وكنت أحي‮ ‬عديد الحفلات في‮ ‬تلك المدينة الجميلة وكنت افتتح الحفلات والمهرجانات بقراءة القرآن الكريم‮ .. ‬بعدها وبالتحديد سنة‮ ‬1962 التحقت بركن الهواء بالإذاعة‮ . ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يشرف عليه الأستاذ كاظم نديم وكنت متأثراً‮ ‬جداً‮ ‬بالموسيقار فريد الأطرش وأتقن كل أغانيه بمهارة فائقة‮ .. ‬وكنت أكثر من سنتين في‮ ‬ركن الهواء سنة‮ ‬1964 شكلت لجنة لاختياري‮ ‬كمطرب واعتمادي‮ ‬بالإذاعة وكانت اللجنة مشكلة من الأساتذة بشير فهمي‮ ‬ومحمد الدهماني‮ ‬ومحمد الكعبازي‮ ‬وكاظم نديم وفائق بن سلطان وسكرتير اللجنة وقتها كان حيدر الجعراني‮ .. ‬ونجحت والحمد لله وبتفوق وكان العمل الأول لي‮ ‬كمطرب حيث طلبت منّي‮ ‬اللجنة حفظ اللحن الموجود لدى بشير فهمي‮ ‬لأغنية بمناسبة‮ ‬معرض طرابلس الدولي‮ ‬تقول كلماتها‮ .. ‬معرض بلادي‮ ‬جاد في‮ ‬تياره ويعجب بنظامه كل من زاره‮ .. ‬تلك هي‮ ‬البداية‮ .. ‬بعدها‮ ‬غنيت لعبد اللطيف حويل وحسن عريبي‮ ‬في‮ ‬نفس الوقت‮ .. ‬كان أغنية حسن عريبي‮ ‬عنوانها‮ " ‬روحين في‮ ‬جسم واحد‮ ... ... ‬وأغنية حويل بعنوان‮ " ‬لوكان توزن بالوقـــية حنيني‮ " ‬كلمات أحمد الحريري‮ .‬

أويا‮ : ‬ماحكاية أغنية الليل قاسي‮ ‬يابعيد الجيرة التي‮ ‬لم تأخذ حقها إعلامياً‮ ..‬؟ علي‮ ‬القبرون‮ :‬هي‮ ‬من كلمات الشاعر المبدع أحمد الحريري‮ ‬وكنا نلتقي‮ ‬في‮ ‬المقهى التجاري‮ ‬بشارع أحمد المقريف شلة من الفنانين وكان كل الفنانين‮ ‬يستعرضون مالديهم من كلمات وألحان فسألني‮ ‬الفنان أحمد الحريري‮ ‬عن هذا العمل الليلي‮ ‬قاسي‮ ‬فأعجبني‮ ‬جداً‮ ‬وكان بجانبي‮ ‬صديقي‮ ‬الدائم عبد اللطيف حويل وسألته مارأيك فأخذه ولحنه وظهر بهذا الشكل الجميل الذي‮ ‬في‮ ‬الحقيقة لم‮ ‬يأخذ حقه إعلامياً‮ ‬رغم جمال العمل وروعته لحناً‮ ‬وكلمات ولا أعرف سبب عدم انتشار هذا العمل‮ .. ‬ربما سبقه عمل لي‮ ‬بعنوان‮ .. ‬بعنوان عدى وين‮ ‬ياعيوني‮ ‬ونال نجاحاً‮ ‬منقطع النظير الشيء الذي‮ ‬لم‮ ‬ينجح بعده الليل قاسي‮ ‬حيث تمتعت أغنية وين عدى باإيقاع القوي‮ ‬والسريع والزكرة‮ . ‬عمل الليل قاسي‮ ‬كان هادئاً‮ ‬جداً‮ ‬وبالتالي‮ ‬لم‮ ‬ينل حظه كسابقه‮ ‬

أويا‮ : ‬على ذكر وين عدى وين‮ ‬ياعيوني‮ ‬ودخول الزكرة لأول مرة في‮ ‬الأعمال الحديثة حدثنا عن هذا العمل ؟‮ ‬ علي‮ ‬القبرون‮ : ‬هذا العمل وراءه قصة‮ .. ‬أتذكر سنة‮ ‬1973 كانت فرقة الإذاعة في‮ ‬رحلة إلى الجنوب وتحديداً‮ ‬إلى سبها وذلك لتسجيل مجموعة أعمال‮ .. ‬في‮ ‬هذه الأثناء تعرفنا على شاب من المدينة اسمه عثمان القاضي‮ ‬الله أمسيه بالخير لاأعرف أخباره حالياً‮ .. ‬المهم كنا مدعوين لدى هذا الفنان فأخذ الطبل وبدأ‮ ‬يدندن بهذا اللحن إلا أن الكلمات مختلفة حيث كانت كلماتها‮ " ‬عندكش دواء‮ ‬ياطبيبة‮ .. ‬للجرح اللي‮ ‬يقطر بدماه‮ " ‬فارتسخ هذا اللحن في‮ ‬مخيلتي‮ ‬ولم‮ ‬يفارقني‮ ‬طيلة الرحلة وبحت لصديقي‮ ‬الفنان عبد اللطيف حويل برغبتي‮ ‬في‮ ‬هذا العمل والبحث له عن كلمات‮ .. ‬فأشار لي‮ ‬بالذهاب إلى الفنان علي‮ ‬السني‮ ‬وذهبنا إليه وبمجرد سماعه للحن قال لي‮ ‬كلمات هذا العمل جاهزة فأحضر رزمة ورق وأخرج منها أبيات شعر‮ " ‬وين عدى وين‮ ‬ياعيوني‮ .. ‬رانا لشبحه مشتاقين‮ ‬ياعيوني‮ " ‬فقلت هذا ما أبحث عنه‮ .. ‬وأهتم بها جاهداً‮ ‬الفنان عبد اللطيف حويل وعمل لها مقدمة موسيقية بسيطة وجميلة‮ .. ‬بعدها طلبت منه إدخال الزكرة على هذا العمل فذهبنا إلى محمود الشريف رحمة الله عليه الذي‮ ‬يعتبر من أشهر وأقوى عازفي‮ ‬الإيقاع في‮ ‬ليبيا فأشار إليّ‮ ‬بالذهاب إلى بشير الشعتاني‮ ‬الذي‮ ‬يعتبر من أقوى عازفي‮ ‬الزكرة في‮ ‬تلك الفترة أما فيما‮ ‬يخص الإيقاع المصاحب فهذا أمره سهل واجتمعنا جميعاً‮ ‬وعملنا تدريبات مع الفرقة الموسيقية‮ .. ‬ونجح العمل والحمد لله منذ سنة‮ ‬1974 إلى حد الآن‮ ... ‬

أويا‮: ‬ما سر ابتعادك المبكر عن الوسط الفني‮..‬؟ علي‮ ‬القبرون‮: ‬في‮ ‬البداية كان الإصابة بداء السكر اللعين الذي‮ ‬أثر كثيراً‮ ‬في‮ ‬عملية النظر وتساقط الأسنان وكذلك خلل في‮ ‬السمع وأيضاً‮ ‬الظروف الاجتماعية القاهرة التي‮ ‬مرت بي‮ ‬كل هذه العوامل جعلتني‮ ‬ابتعد قليلاً‮ ‬ولم انقطع نهائياً‮ ‬حيث سجلت آخر عمل عاطفي‮ ‬بعنوان‮ "‬دنيا وما تبنا على‮ ‬غالينا ولاعين صبرت بعد وقت‮ ‬يجينا‮" ‬وكان ذلك سنة‮ ‬1987 بعد ذلك تغنيت ببعض القصائد الدينية في‮ ‬برنامج عطية محمد نور أسماء الله الحسنى وسجلت معه ملحمة أعطاني‮ ‬فيها بيت أغنية سنة‮ ‬1988 بعدها اتجهت للمألوف والموشحات بعد تأسيس فرقة الشروق التي‮ ‬نجحت نجاحاً‮ ‬كبيراً‮ ‬وشاركنا في‮ ‬عديد الدول والمهرجانات وكانت الفرقة بقيادة الفنان مفتاح علي‮ ‬وتضم الفنانين عبداللطيف حويل وراسم فخري‮ ‬ومحمد رشيد ولطفي‮ ‬العارف ومحمد فتحي‮ ‬وأبو عجيلة الشريف‮ ‬يونس دانو،‮ ‬محمد الزويبك،‮ ‬خالد عبدالله،‮ ‬فاروق السويح كل هؤلاء الفنانين هم مؤسسون لفرقة الشروق للمألوف والموشحات ومنذ سنوات فارقت هذه الفرقة حيث صحتي‮ ‬لم تعد تسمح لي‮ ‬بممارسة أي‮ ‬عمل فني‮ ‬فقررت أن استريح داخل‮ "‬البدروم‮" ‬الخاص بي‮ ‬والحمد لله رب العالمين وتقاعدت من الإذاعة وأنا اتقاضى حالياً‮ ‬معاش تقاعدي‮ ‬يعينني‮ ‬على الحياة إن كان مازال في‮ ‬العمر بقية‮..‬

أويا‮: ‬هل مازلت متواصلاً‮ ‬مع الوسط الفني‮...‬؟ علي‮ ‬القبرون‮: ‬نعم‮ ‬هناك مجموعة من الأصدقاء المخلصين الذين لم‮ ‬ينقطعوا عني‮ ‬سواء بالزيارات أو الاتصال الهاتفي‮ ‬أذكر منهم وأرجو أن لاتخونني‮ ‬الذاكرة‮.. ‬الفنان لطفي‮ ‬العارف،‮ ‬حسن فرحات،‮ ‬محمد شعيب،‮ ‬عبداللطيف دويل،‮ ‬راسم فخري،‮ ‬ولا أنسى الأستاذ عبدالله منصور والأستاذ نوري‮ ‬الحميدي‮ ‬والأستاذ محمود البوسيفي‮ ‬الذي‮ ‬ساعدني‮ ‬أكثر من مرة ولم‮ ‬يبخل عني‮ ‬بشيء وكذلك الفنان محمد كرازة المصور وكذلك البدري‮ ‬كلباش‮.. ‬

أويا‮: ‬كلمة أخيرة أستاذ علي‮ ‬القبرون علي‮ ‬القبرون‮: ‬الفنان لدينا‮ ‬يقدم عديد التضحيات منها التفرغ‮ ‬التام لِفنّه دون التفاتة إلى حياته الخاصة ونظرة المجتمع الدونية إليه ومع كل هذا لايجد من‮ ‬يقف معه في‮ ‬نهاية عمره الذي‮ ‬افناه في‮ ‬الفن ولا أطلب في‮ ‬هذا اللقاء إلا قليلاً‮ ‬من الإهتمام من المسؤولين في‮ ‬سكن لائق وعلاج وأتمنى التوفيق من‮ ‬عند الله وشكر خاص لأويا ورئيس تحريرها على المجهودات التي‮ ‬تبذل وعلى هذه اللفتة الكريمة من حضرتكم في‮ ‬هذا الشهر الكريم‮..‬


No comments: