أجرى اللقاء: عبدالرؤوف خولة - تصوير: محمد كرازة السبت, 05 سبتمبر - الفاتح 2009 01:53
أنا من أسست فرقة المالوف واستلمها مني المرحوم حسن عريبي سنة 1964ف
اتجهت إلى صحيفتكم علني أجد من يسمعني وينصفني!
تجاهلتني كل مؤسسات الدولة ورُميــت بالشارع تكريماً لعطائي كل هذه الفترة
أتقاضى 96 ديناراً فقط راتب ضماني
الجميع يتذكر أغنية "كلماتها واطت العين عليا" و"نور العين والجوبة بعيدة" و"بعث المحبة يا ناس من يشريها" كل هذه الأعمال الخالدة هي للملحن الفنان "محمد مرشان" حضر إلينا يئن من وطأة الوجع ملئ بالحسرة والمرارة.. يتألم إلى ما وصل إليه الحال.. 60 عاماً من العطاء يراها قد مرت مرور الكرام على المسؤولين لم يلتفت إليه أحد لم يقدر جهده أحد.. تحدث بكل مرارة قائلا تمنيت أن يكون لقائي هذا للحديث عن التكريم الذي حظيت به لا أن أتى إليكم شاكيا على حالي وما وصلت إليه من تجاهل وجحود من طرف المسؤولين.. لن نطيل عليكم ولنترك الفنان محمد مرشان يتحدث بنفسه.
لم أجد إلا صحيفتكم لأبوح لها بما يجول في خاطري.. سألناه ما الحكاية يا سيد محمد .. أجاب.. .. أبحث عن نفسي من أنا!.. نعم نعم لا تستغرب فأنا أبحث عن نفسي... هل أنا محمد مرشان الذي بدأ عام 1949 مشواره الفني ؟ هل فقدت هويتي خلال الستين عاماً الماضية؟ بعد ستين عاماً من العطاء والتأسيس وعديد الإنجازات يأتي عام 2007 لأتقدم بنص ملحمة غنائية ومسرحية غنائية إلى المؤسسة العامة للثقافة بمناسبة احتفالية طرابلس عاصمة الثقافة الإسلامية.. فيتم إبلاغي أن النص ضاع وأحضر ثاني وثالث ونفس القصة النص يا سيد محمد ضاع: ولكم أن تحكموا ثلاث مرات هل فعلاً ضاع أو بفعل فاعل اختفى؟
المهم في الأخير تم تحويلي إلى إذاعة الجماهيرية رغم أنه لا علاقة لها بهذه الاحتفالية اتصلت بالسيد خالد الدايمي مدير إدارة البرامج وقتها فأجابني.. لا ياسيد محمد لم يتم تحويل أي نص من المؤسسة وهذا الأمر لا يعنينا.. ومن هنا بدأت مأساتي مع مؤسسات الدولة، والتجاهل الواضح ناحيتي الذي لا أعرف هل هو سلسلة من الإحباطات التي كانت بالصدفة أم بفعل فاعل ؟!. نأتي إلى الاحتفالية بعيد الأربعين وأريد أن أتساءل هل هذه الاحتفالية ملك لكل الليبيين.. أم هي للأجانب..؟! أعتقد أنها لنا .. لكل الليبيين ومن حقنا أن نشارك ونحتفل بها جميعاً دون منّة من أحد أو أن يوزع علينا أحد الأدوار ونحن الأحوج بتقديم أعمالنا في هذه المناسبة وتقديم صورة ممتازة لجماهيريتنا لأننا نحن من نحس بها ونستطيع تقديم فنها وطربها الأصلي.. الخاص بكل الليبيين.. نريد تقديم أعمال بها روح ليبية صرفة لا ينفذها لنا أجنبي يتقاضى الألوف ومئات الألوف وتُرمى الفتافيت للفنان الليبي.
في هذه الاحتفالات.. قالوا أعطينا لـ20 ملحناً من الإذاعة و10 من مؤسسة الثقافة كلام فارغ ومن العيب أن نتكلم عنها.. يأتي إليك المسؤول بألف دينار ويطلب منك عمل لهذا العيد العظيم ..عيد الأربعين بألف دينار الذي لا يصلح حتى لإيجار ربع فرقة موسيقية. المؤسسة العامة للثقافة قالت لا يوجد سيولة رغم أنها دفعت للبعض من أجل العمل ورغم أنني قدمت منذ 3 أشهر إلا أنني لم أجد مع من أتفاهم.. أخيراً بلغني قبل يومين أو ثلاثة أن المؤسسة وافقت على بعض الأعمال وعندما سألنا عن أعمالنا قالوا لا .. أخذنا بعض الأعمال للشباب الجدد الذين يشقون طريقهم.. وقالوا لنا عندما نتحصل على سيولة ربما تجد أعمالك طريقها للتنفيذ.. أي بمعنى بعد احتفالات الفاتح العظيم.. "لا أعرف على من يضحكون؟".. أقولها وبكل فخر أنا أقدر كلّ فنان حالياً في ليبيا والتاريخ يشهد على ذلك وأعمالي التي فاقت الـ500 عملٍ بارشيف الإذاعة تشهد عليَّ بذلك ..
فقد تغنى من ألحاني معظم الفنانين العرب وكل الفنانين الليبيين ألا يوجد من يقدر هذا التاريخ الحافل ؟! هل هذا هو جزاء من أفنى عمره من أجل الفن في ليبيا كان لي الشرف بتأسيس الأغنية الليبية الحديثة وأنا من أسس فرقة المالوف واستلمها مني المرحوم حسن عريبي الذي وجدها جاهزة.. وأنا من أسست معهد الموسيقى في طرابلس وبدأت أبحث عن أحد يتوسط لي لدى المسؤولين لأقدم أعمالي هل هذه هي نهاية ستين عاماً من العطاء.. تحدثت مع أمين المؤسسة العامة للثقافة فقال لي للأسف لا أملك سيولة وأنا أعذره. السؤال الذي يتبادر إلى ذهني في هذه الفترة هل مازلت محمد مرشان الملحن في نظر المسؤولون؟.. أم يرى المسؤولون أنني انتهيت ولا أستطيع تقديم شيء رغم يقيني وغيري أن الفن لا يقاس بالعمر أبداً؟!.. أم هناك إشارة استفهام حول شخصي سواء كانت سياسية أو أخلاقية؟! أرجو أن أجد من يجيب على أسئلتي لماذا يقفلون أبواب الرزق في وجهي؟.. مع العلم أن راتبي التقاعدي إلى شهر 6 ـ 2009 هو 96 ديناراً فقط لا غير إلى أن تدخل أحد العقلاء وقال لهم بالحرف الواحد "عيب يا جماعة اللي قاعد يصير" وتم تعديل راتبي التقاعدي وأصبح 225 ديناراً منذ شهرين فقط.. ومنذ حوالي الـ4 أشهر تقدمت لمدير مكتب الموسيقى بالإذاعة وكان طالبا في المعهد الذي أسسته بعدة أعمال وطنية وطلب إجازتها فقال لي بالحرف الواحد سأحاول "نمشيلك واحدة" بعد هذا العمر والتاريخ أصبحت أعمالي تمرر بالخلسة..
أي بمعنى غير مرغوب فيَّ أو في أعمالي.. إلا أن الرجل يحاول تمرير عمل لي.. وهذه الأسباب جعلتني أتصل بصحيفتكم وألجأ إليكم لأحكي أوجاعي علني أجد من يسمعني!. أويا.. نعود إلى البدايات أستاذ محمد مرشان محمد مرشان : أحب أن أشير هنا لشيء مهم وهو أنني أسست فرقة المالوف التي كان فيها مفتاح جرود وعبداللطيف حويل ومحمد رشيد وأحمد سامي كانوا كلهم مطربين وكان ذلك عام 1961 إلى أن جاء المرحوم حسن عريبي من بنغازي واستلم قسم الموسيقى بالإذاعة بالإضافة إلى فرقة المالوف التي أنا من قام بتأسيسها واستلمها مني عام 1964 ولم يشر أحد عبر التاريخ إلى هذه الحادثة.. ومع ذلك أثرت في نفسي وتحاملت وقلت المهم خدمة الفن في ليبيا وليس مهماً من أسسه. وعندها أسست معهد جمال الدين الميلادي الذي كان اسمه المعهد الوطني للموسيقى والتمثيل.. وفي النهاية أُرمى في الشارع ولا يلتفت أحد لهذا التاريخ العريق. أعود إلى البدايات التي كانت عام 1949 كملحن وعازف عود أيام كانت الإذاعة تابعة للجيش البريطاني في الصومعة الحمراء وكانوا يعطونا نصف ساعة من البث اليومي لتقديم الأعمال الليبية..
كان معي الشيخ قنيص بفرقته وأيضاً كان الشيخ النعال بفرقة المدائح وبعدها اتجهت لقراء الموسيقى لمدة 14 سنة وعندما أرادوا تعييني بالإذاعة عام 1964 طلبوا مني شهادة اتجهت إلى تونس لدراسة الموسيقى أو بالأصح للتقديم للامتحان لنيل الشهادة إلا أنني بقيت سنة كاملة في تونس لدراسة الموسيقى وتحصلت على الترتيب الثاني على دفعتي تلك السنة ورجعت إلى ليبيا وتم تعييني في نفس اليوم والتاريخ أنا والمرحوم حسن عريبي على الدرجة الرابعة.. وكلفت بقسم الموسيقى بطرابلس والمرحوم حسن كلف بقسم الموسيقى في بنغازي وفي نفس العام كتبت كتابي "الموسيقى قواعد وتراث". بعدها جاء المرحوم حسن عريبي واستلم قسم الموسيقى وأنا تفرغت إلى معهد الموسيقى إلى أن قامت الثورة وكان المعهد يتبع إدارة الفنون والآداب التي يترأسها سالم المسلاتي والذي طلب مني فصل عدد 6 مدرسين من المعهد بدون ذكر الأسباب وكان ذلك في الأيام الأولى للثورة فرفضت فصل المدرسين المذكورين وذلك للفراغ الذي سيتركونه في المعهد وأيضاً لعدم معرفتي للسبب.. فقدمت استقالتي إلى سالم المسلاتي حتى لا أقوم بفصل من طلب مني فصلهم.. وقبلت استقالتي.. وربما هذا الشيء حُسب ضدي. إنني استقلت في بداية الثورة.. ولكن والله أعلم ماذا كان وراء القصد وأنني أول من فرح بالثورة وتغنى لها وكل أعمالي الوطنية تشهد بذلك.. وقدمت أعمال ضد الملكية في ليبيا وتناديت بالوحدة العربية.. وكان طلب الفصل في اعتقادي أنه ناتج عن خلاف شخصي..
بعد ذلك ثم تشكيل وزارة كانت تسمى التربية والتعليم والثقافة أعتقد ولا أتذكر بالضبط وعُين على رأسها أحمد فيتور وعند استقالتي كانت درجتي الثانية بالنظام القديم أي الثامنة بالنظام الحديث سنة 1981 وطلب مني الأستاذ علي الكيلاني الرجوع إلى الإذاعة ورجعت على الدرجة الثامنة بالنظام الجديد فأخبرتهم بأن لي ملفاً قديماً وأنا صاحب خبرة وليست هذه هي المرة الأولى التي أعمل بها فأجابوني أين ملفك لا يوجد لك ملف عندنا إلى سنة 1992 أحلت إلى التقاعد ووجدت معاشي التقاعدي 96 ديناراً وبقى هذا راتبي منذ سنة 1992ف وحتى سنة 2009 شهر 6.. هذه باختصار معاناة فنان أفنى عمره لخدمة الوطن والفن منذ أكثر من 60 عاماً ومازال في جعبتي الكثير لأرويه ولكن سأكتفي وأترك كل شيء لوقته.
No comments:
Post a Comment